رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تريد أن تكون.. كاتب شعب أو كاتب سلطة؟!


هل تريد أن تصبح كاتبا ممقوتا، مكروها، ملاحقا، مغضوبًا عليك، لكن تكون راضيا عن نفسك، مقتنعا بما تقول، وتشعر بأنها مسئولية لابد أن تؤديها، مهما كلفتك من تضحيات؟! إذن، لا تدخر وسعا في أن تهاجم الرئيس السيسي، شريطة أن يكون للهجوم أسبابه ودواعيه.. سوف تمتدحك الجماهير وتقرظك لشجاعتك، دليلا على رضاها وربما تعبيرا عما تجيش به صدورها..عموما هذا من حقك، بل من واجبك، بغض النظر إن كنت مصيبا أو مخطئا.. فقد مضى زمن الرؤساء أو المسئولين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم، أو يعتبرهم سدنتهم فوق النقد وفوق القانون، وفوق كل شيء..إن الرئيس السيسي بشر يصيب ويخطئ، ويجب أن يواجه بخطئه، لكن بعيدا عن التدنى والإسفاف..

ويجب أن يعرف هو ذلك، وأن يصله بتمامه دون زيادة أو نقصان، بل عليه أن يسعى لمعرفة ذلك، وأن يكون لديه استعداد للتصحيح والتصويب.. إن الشعب هو صاحب السلطة، فعلا لا قولا، حقيقة لا خيالا، وكما أن الشعب هو الذي منحه هذا المنصب من الممكن أن يسترده في أي وقت يشاء، سواء عن طريق الصندوق أو عن طرق الثورة التي عرف طريقها..هذا هو طريق البناء والرقى والتقدم..لا يستطيع أحد أن ينكر أن لدينا في مصر كتابا على مستوى عالٍ من الفكر والثقافة والموضوعية، ولديهم الشجاعة لتناول قضايا مهمة، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية.. هؤلاء يعتبرون بالنسبة للمجتمع نبراسا ومشاعل نور.. فلماذا لا يأخذون مكانهم ومكانتهم؟!

أما إذا كنت تريد أن تصبح كاتبا مقربا مرضيا عنك، تسلط عليك الأضواء، وتستدعى في الفضائيات وتجرى معك الحوارات، وتفتح لك الأبواب، فعليك إذن أن تمتدح الرئيس السيسي، سواء بمناسبة أو بدون مناسبة.. أن تكون لزجا، مداهنا، متملقا، ومدلسا..أن تخلع عليه نعوتا وألقابا، ما أنزل الله بها من سلطان.. ليس هذا فقط، لكن عليك أيضًا أن تهاجم بقسوة وعنف معارضيه ومنتقديه...

نعلم أن الرئيس تعرض ولا يزال لسخائم وشتائم في غاية القبح والبذاءة، لكننا لا نريدها سجالا.. إن المديح رغم أن أغلبه كذب، فإنه محبب إلى النفس.. وبقدر ما يفسح الرئيس لهؤلاء المادحين في نفسه من رضا وقبول، بقدر ما تصبح هذه علامة ومؤشرًا غير مريح، ومقدمة لوضع يشعرنا بالقلق على البلد، فلا يفسد الرؤساء إلا أمثال هؤلاء، وهم معروفون بالتلون والأكل على كل الموائد، والرئيس ليس لديه حصانة أو مناعة ضد المداهنة والنفاق..على الرئيس أن يكون له موقف واضح ومحدد من هؤلاء، فلا يتصور أحد منهم أنه مواطن من الفئة العليا، وبقية المواطنين من الفئة الدون..

المجتمع المصرى منقسم الآن بين من يرى الدنيا وردية وتبشر بخير وإن السيسي قدم خلال المائة يوم إنجازات ضخمة، وبين من يراها سوداء قاتمة وإنه لم يحدث أي تغيير من جراء ثورتى يناير ويونيو، وليس هناك أمل في الأفق القريب أو حتى البعيد..لكن، من المؤكد أن هناك من يقف في المنتصف.. ما هي نسبتهم، وما نسبة هؤلاء إلى أولئك؟ لا أحد يعرف، ويبدو أنه لا يوجد من يريد أن يعرف، وأن تظل الحالة هكذا..لا يوجد لدينا استطلاع رأى حقيقى، عادل ومنصف وشفاف، يقيس لنا حالة السخط والرضا في المجتمع تجاه الرئيس (وحكومته)..هذا الأمر مهم للرأى العام وللرئيس، بجانب تقارير الأجهزة الاستخباراتية التي اعتاد عليها. 
الجريدة الرسمية