أي حج هذا!
أحداث وحوادث تبعث على الغرابة والنكارة معًا صاحبت حج هذا العام رغم وجود هيئة إفتائية رسمية من وزارة الأوقاف، وأخرى مع شركات السياحة من مشيخة الأزهر، بخلاف بعض دعاة منسوبين إلى العلم، ومن مظاهر هذا عودة أعداد من حجاج ما يسمى "الحج المتميز الفاخر" يوم الحادى عشر من ذى الحجة نجد أن هذا "تعجل"! وترك رمى يوم الثانى عشر من ذى الحجة.
وعود مفاجئ مباغت لكبار مسئولين مصريين من دون قبيل فجر يوم العيد، والصور الـ"سيلفى" في صلاة العيد مع السيد رئيس الدولة المصرية، وتولى طائفة من غير الفقهاء بالأزهر والأوقاف تبرير الحضور بجواز الانابة في رمى الجمرات ونحر الهدى، وتفانوا وتجاهلوا ركنًا أساسيًا وهو طواف الإفاضة!! الذي لا عذر في تركه.
ودفاعا عن محكم الدين وشعائره ومناسكه، ورفعا الإبتداع والمزايدة عليه تاتى هذه التذكرة وابراء للذمة.
أولًا: أيام التشريق: ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وهى الأيام المعدودات الواردة في قوله عز وجل "وأذكروا الله في أيام معدودات" الآية 203 سورة البقرة وتسمى أيام "مِنى": الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذى الحجة، وتسمى أيام رمى الجمرات (الاختيار 5/19، الكافى 1/423، المهذب 1/24، المفتى 3/432).
أحكام شرعية تتعلق بها: رمى الجمار للثلاث (الصغرى فالوسطى فالكبرى) كل منها بسبع حصيات ،فيكون المجموع لها كل يوم إحدى وعشرين حصاة لثلاث جمرات، ورميها، والمبيت بـ"مِنى" في هذه الأيام واجب عند جمهور الفقهاء.
والمفهوم الشرعى للتعجيل بعد رمى يومى الحادى عشر والثانى عشر وهو المقصود بقوله سبحانه "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه"، ومن انتظر إلى اليوم الثالث عشر هو الأساس ،وهو المقصود بقوله جل شأنه " ومن تأخر فلا إثم عليه لمن إتقى"، ومما هو مقرر شرعًا أن التخيير في الآية الكريمة لأجل المتقى فلا يتضرر بترك ما يقصده عن التعجيل والتأخر على نحو ما سلف ذكره ( تفسير 2/94).
وهنالك أحكام أخرى من التكبير وعمل عمرة لا تتصل بموضوعنا.
ثانيًا: مغادرة مواطن المناسك عشية يوم عرفة أو ليلة عيد النحر والسفر والعودة أمر لم يرد في تاريخ الإسلام كله، لأن يوم العاشر من ذى الحجة تتعلق به مناسك مهمة منها ما ضروري بالأصالة ولا تجزئ فيها وكالة أو نيابة ولا تجبر بجزاءات وهو "طواف الإفاضة" لكل الحجيج، وهو ركن أساسى يتعلق به إتمام الحج وهو المقصود بقوله تعالى " وليطوفوا بالبيت العتيق". الآية 30 من سورة الحج.
وبه يكون التحلل الأكبر (حل النساء) ويكون بعد رمى جمرة العقبة الكبرى ونحر الهدى للمتمتع والقارن، والحلق أو التقصير لرأس الشعر، على ما قرره الفقهاء، أما ما يقبل الوكالة فرمى الجمار للمعذور، ونحر الهدى ولم ينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أزواجه -رضى الله عنهن- من حاضت قبل طواف الإفاضة بسفر أو مغادرة هذا الموطن وقرر المكث لحين طهارتهن لطواف الإفاضة.
تبقى توصية: شعائر الإسلام معظمة "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" الآية 32 من سورة الحج.، وأولى أن تؤخذ فيها بالعزائم بفعلها على الوجه الصحيح من فعل الأركان بشروطها والإلتزام بالواجبات والحض على السنة والمستحبات، والبعد عن الآراء الرجوحة والأقوال الشاذة والسقيمة لمحاولة الترخص إرضاء ومسايرة لمن يفترض فيهم القدوة، أو لأعراض الدنيا الزائلة.
إن الخوض في معالم الحج في مثل هذه القضايا كشف عن عوار فاضح وفادح من عدم الإلهام الحقيقى بفقه الحج من حملة ألقاب فخيمة ومواقع مهمة، بل وفى مسئولين عن الإفتاء الشرعى في توعية الحجيج، وصدق الله العظيم " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون. متاع قليل ولهم عذاب أليم". الآية 116 وما بعدها من سورة النحل، وصدق مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار ". وفى الفم ماء كثير والله الهادى إلى سواء السبيل.