"الآثار تحت الحصار".. "داعش" تسيطر على آثار العراق.. والجيش الحر يتحصن بمتاحف سوريا.. و"كنز بنغازي" في ذمة الله
ما يقرب من 3 سنوات على انطلاق ثورات الربيع العربي، وما تبعها من خراب ودمار حرق الأخضر واليابس خاصة في سوريا والعراق وليبيا، الدمار طال التاريخ المتمثل في الأبنية الأثرية، التي تحولت إلى مدن للأشباح بعد أن طالتها نيران ومدافع ما يطلقون على أنفسهم ثوارًا.
بالنظر إلى وضع الآثار السورية، نجد أن بعض المواقع تعرضت للقصف وأخرى استعملت كمواقع عسكرية وثالثة تعرضت لعمليات النهب المكثفة، فقد جرى قصف مدفعي مباشر استهدف ثلاثة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي وقد دمر النسيج العمراني لمبانيها في قرى البرة وعين سبل وعين لاروس التي تعود إلى الفترة البيزنطية الواقعة في شمال سوريا، أما مدينة بصرى، والتي تعد من أغنى المواقع في الشرق الأوسط في ما يخص التنظيم المدني الروماني، فقد هلكت مبانيها من جراء القصف المدفعي على المدينة.
وقد أعلن تقرير لإحدى الصحف الأجنبية أن السلطات السورية اعترفت بسرقة تمثال ذهبي لإله آرامي يعود إلى القرن الثامن ق.م ويعدّ رمزًا من رموز سوريا، وقد وضعت صورة التمثال على اللائحة الحمراء للقطع المسروقة التي تنشرها منظمة الـICOM المسئولة عن المتاحف في العالم.
ولم تسلم بعض الأماكن الدينية التي يرجع تاريخها إلى 5 آلاف سنة، من بين هذه الأماكن المسجد الأموى الذي دمرت مئذنته التي يزيد عمرها على ألف عام، والسوق القديم في حلب، ومسجد خالد بن الوليد في حمص، أحد أقدم المساجد في العالم والذي يعتبر مثالًا حقيقيًا للعمارة العثمانية، وباب أنطاكية، والمسجد العمرى في درعا، وشارع مدينة حمص التي كانت تتوسطه منارة قديمة تم قصفها هي الأخرى.
كما لم ينج "متحف حمص" من النهب خاصة أن المتحف شكل خط تماس بين قوات "الجيش الحر والجيش النظامى"، وتم إغراق الأسواق في الأردن وتركيا بالقطع الأثرية الآتية منه.
ولم تسلم قلعة الحصن التاريخية، التي تعد أهم قلاع العصور الوسطى في العالم، من القصف بعد أن استهدفتها قوات النظام السورى بعد احتماء بعض مقاتلى المعارضة بداخلها، كما تم تحويل الكنيسة المعروفة باسم القديس سيمون إلى مركز للتدريب.
أما المتاحف فقد قام بعض عناصر الجيش الحر بتهشيم متحف للتراث الشعبى في منطقة دير عطية الواقعة بين حمص ودمشق وسيطر عليه المقاتلون فيما كانوا يبحثون عن المسدسات والبنادق القديمة كى يستخدموها في الحرب ضد النظام.
وأوضح معاون وزير الثقافة الدكتور "على القيم"، أن إحصاءات مديرية الآثار والمتاحف الأخيرة كشفت عن وجود أكثر من 500 موقع أثري تعرضوا بشكل أو بآخر لأعمال التنقيب السري وعمليات التنقيب غير الأصولي بهدف السرقة وتهريب الآثار لتركيا أو الأردن أو لبنان، وأن من أشهر المواقع التي تعرضت لهذه العمليات كانت أفاميا والمدن المنسية في شمال سوريا كما تم تدمير غيرها.
ليبيا التي كانت نقطة التقاء عدة حضارات من العالم القديم إضافة لتأثرها بالعديد من الثقافات، وتمتلك مخزونا وتراثا هائلا وفريدا من الآثار التي خلفتها تلك الحضارات والثقافات التي تعاقبت عليها منذ ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا، إلا أنه وبعد ثورة 17 فبراير دخلت البلاد في حالة من الحرب والفوضى، أثرت سلبًا على التراث الأثري، ولعل أولى وأكبر الكوارث المسجلة التي تعرضت لها الآثار الليبية بعد الثورة في مايو 2011 هي جريمة سرقة وديعة عرفت إعلاميًا باسم (كنز بنغازي) كانت قد وضعتها مصلحة الآثار الليبية في بنغازي بخزانة بالمصرف التجاري.
كذلك تعرضت عدة تماثيل وقطع وأضرحة لسرقات ومحاولات للسرقة من مواقعها الأصلية في مناطق كصبراتة ولبدة وشحات، بل إن بعض القطع التي تمت سرقتها وجدت طريقها للأسواق العالمية وبعضها وصل إلى دور المزادات في آسيا وأوربا.
فيما ذكرت صحيفة "التليجراف" البريطانية، أمس الخميس، وقوع المعبد القديم في "الحضر"، في أيدي تنظم " داعش"، حيث وقع المتحف في الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، مما أثار المخاوف من احتمالية تدمير التماثيل الحجرية من قبل المتشددين باعتبارها صورا للوثنية، حيث سبق لمقاتلي داعش بعد سيطرتهم على مدينة الموصل، 70 ميلًا شمال غرب الحضر، أن قاموا بهدم تمثال "عثمان الموصلي" الملحن والموسيقار العراقي الشهير، وتمثال "أبي تمام" الشاعر العربي من العصر العباسي.