رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي.. الجانب الإنساني وإرادة التحدي


في الجزء الأول من حواره التليفزيونى، حاول المشير السيسي الوصول إلى قلوب قطاعات عريضة من الشعب المصرى من خلال حديثه عن الجوانب الإنسانية في شخصيته.. البعض استخف بهذه الجوانب، ونسى أن الشعب المصرى في عمومه عاطفى، ويعشق كل من عزف على أوتارها وتغنى بها.. نسى أن البيت والزوجة والأولاد لهم مكانتهم الكبرى في حياة المصريين.. حديث السيسي عن زوجته، والمرأة المصرية، وأولاده مس وترًا حساسًا.. حتى وهو يتحدث عن المواجهة مع الإرهاب، حاول إبراز حرصه على النساء والأطفال والشيوخ في سيناء، وأنه لولا الخوف عليهم وعلى حياتهم لأنهى مشكلة الإرهاب في ساعات..


حديثه عن إنسانية الإسلام وكيف فشل الإخوان المسلمون وأنصارهم في تقديمها، بل فشلهم في تقديم المولى سبحانه وتعالى بالصورة التي تليق بمقامه وجلاله وكماله، أصاب الهدف بدرجة عالية من الدقة.. أكد أنه مصرى مسلم، لكنه لم ينس أن يتحدث عن المعبد اليهودي في حارة اليهود والحياة الآمنة التي كان يعيشها، والكنيسة وأجراسها في شارع الجيش وبورسعيد، والأزهر والحسين، هذا التنوع الإنسانى الذي شكل وجدانه ووعيه المتسق مع الوعى الجمعى لعموم المصريين.. الحقيقة أن المصريين يريدون إنسانًا قبل أن يكون رئيسًا.. أو رئيسا يحمل قلب إنسان، أو إنسانا في شكل رئيس، حتى يشعروا بأنه منهم وليس غريبًا عليهم، قريب إليهم وليس بعيدًا عنهم، وحتى يشعر هو بمعاناة البسطاء وآلام الفقراء وأوجاع ذوى الحاجات من المصريين..

في الجزء الثانى من الحوار، كان المشير السيسي أكثر قوة، وحدة، وحسمًا، وحزمًا.. كانت إرادة التحدى واضحة وبارزة في كلماته.. أحسست بأن روح المؤسسة العسكرية بتاريخها حاضرة وبقوة وهو يتناول رؤيته في حل المشكلة الاقتصادية، والطاقة، والتعليم، والتنمية، والزراعة، والصناعة، والبنية الأساسية.. إلخ، وكانت تطل عبر نظرات الغضب ونبرات الصوت الحادة إزاء تهديدات الأمن القومى، والتظاهرات المخربة، والإرهاب، وعودة الإخوان.. غير أن روح المؤسسة اختفت وهو يتحدث عن العلاقات مع الدول العربية، وأمريكا، وأوربا، وروسيا، والدول الأفريقية ودول حوض نهر النيل، وإثيوبيا، إضافة إلى السودان كعمق إستراتيجي لمصر.. ثم عادت مرة أخرى لتطل من جديد وهو يقطع نافيًا أن يكون له حزب أو ينتمى لحزب..

لا أدرى لماذا لم يتطرق الحديث إلى العلاقات مع إيران، باكستان، الهند، الصين، وإندونيسيا وماليزيا.. إلخ؟! ولماذا لم يتطرق أيضا إلى موضوع تنمية محور قناة السويس؟ فهل كان ذلك قصورا من المذيعين، أم أنه كان مقصودا؟! تأكيد خصوصية العلاقة مع السعودية والإمارات كان دافئا.. كما أن النظرة للقضية الفلسطينية وضرورة الفصل بينها وبين النظرة لحماس كانت لافتة.. ولا شك أن الإشارة الواضحة على الالتزام بمعاهدة السلام مع "إسرائيل"، وعدم إمكانية استقباله لرئيس وزراء "إسرائيل" أو زيارته لها في المستقبل ما لم يرتبط بدولة فلسطينية عاصمتها القدس، دلت على أن المشير السيسي رجل دولة.. عروبى الهوية..

برنامج السيسي إذا أصبح رئيسًا لمصر يتلخص في كلمات قليلة: انضباط الشارع المصرى، تحفيز الشعب على العمل والإنتاج من خلال استثارة إرادة التحدى، حلول غير تقليدية للمشكلات المزمنة، والإقلال من الثرثرة.. فهل يستجيب الشعب المصرى؟! هذا هو التحدى الحقيقى الذي يواجهه المشير السيسي.
الجريدة الرسمية