رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل دامية وسط دخان الحرب

دخلت حرب السابع من أكتوبر الفلسطينية يومها السادس، اليوم، ولا يزال العالم يتابع ويترقب المرحلة الثانية منها وتتمثل في الاجتياح البرى.. كانت القيادة العسكرية الإسرائيلية قالت إنها بحاجة إلى ثمانية وأربعين ساعة قبل أن تغزو غزة، وبالفعل حشدت اسرائيل حتى هذه اللحظة مائتى ألف جندي، ومائتى دبابة.

 

وتزامنا مع الحشد الهائل هذا، شنت حملة جوية بعشرات الطائرات إف 16 والاباتشي، وسوت احياء كاملة في غزة المنكوبة بالأرض، ودمرت عمارات وبيوتا على رؤوس سكانها، ناهيك عن تجويع وتعطيش الشعب الفلسطيني وحرمانه من الدواء والكهرباء ومحاصرة كل المنافذ حاليا، وغزة أصلا تحت الحصار منذ 16عاما.


ورغم ضراوة القصف المنهمر، لا تزال صواريخ القسام وسرايا القدس تصل إلى حيفا وسديروت وعسقلان وتل أبيب والقدس الغربية.. ما يؤكد أن غزة أخرى مدججة بمخزون عسكرى لا تزال حية تحت الأرض، وأن المدنيين فوق الأرض هم الأهداف السهلة للقصف والاستهداف الإسرائيلي..

 

 ويلفت النظر أمران وسط دوى المدافع وأزيز الطائرات، أن هذه الحرب فتحت شبكة الاتصالات السياسية بشكل محموم ومتواصل بين أطراف القوى الاقليمية، وأبرزها مشاورات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السيسي، ثم اتصالات الرئيس الايراني وولي العهد السعودي، وايران والامارات، فضلا عن مشاورات اللهيان وزير خارجية ايران مع وزير حارجية مصر سامح شكرى، وكل هذه المداولات تجرى بحثا عن حل يلجم التصعيد المرتقب.. 

 

الأمر الثاني أن هذه الحرب شهدت أكبر حملة أكاذيب قادها الرئيس الأمريكي بنفسه، فبعد الهجوم المباغت للمقاومة الفلسطينية ونجاحها العسكرى في شل حركة وتفكير القيادات الاسرائيلية، خرج بايدن في مؤتمر صحفي وأكد في تصريحاته المؤيدة لاسرائيل أنه صهيوني أكثر من الصهاينة المؤسسين، على حد تعبير محلل استراتيجي علي قناة I24 الإسرائيلية.

 

إمبراطورية الشر

وفور إعلان بايدن الدعم المطلق لإسرائيل ركضت وراءه أوروبا كلها والإعلام الغربى كله، لتحويل حماس إلى داعش، ومن عجب أن بايدن نفسه تراجع عن تصريحات اتهم فيها حماس بقطع رؤوس الأطفال، وبرر تراجعه بأنه قال ما قاله المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، وما نقلته إليه وسائل الإعلام، وهذا يعكس سذاجة رجل تجاوز الثمانين على رأس أكبر قوة عسكرية غاشمة في العالم. لا يتحقق مما يقول بل يردد مزاعم نتنياهو دون أن يراجعه أحد.


لم تر الإدارة الأمريكية ولا الاتحاد الأوروبي سحل وقتل واعتقال الفلسطينيين يوميا في الضفة الغربية، ولم ير الغرب الأعمى تدنيس المسجد الأقصى، واستفزازات المستوطنين يقودهم المجنون المتطرف بن غفير وزير الامن القومي الاسرائيلي، ويحتلون ساحات الأقصى ويمنعون المسلمين من الصلاة في بيت الله، ولم ير الغرب هجمات المستوطنين علي بيوت الفلسطينيين في الضفة التى باتت محاصرة بعشرات المستوطنات.


هذه الحرب تؤكد حقيقة واحدة ساطعة أن الغرب يكره المسلمين، وأنه منافق، وأنه كاذب، وأنه يحتقرنا في أعماقه، وأن اسرائيل هي عصاه لإذلال المنطقة. لقد افتضح الموقف الألماني بشكل سافر في تصريحات شولتس الغريبة الموالية لإسرائيل. وافتضح الموقف الفرنسي، أما البريطانيون أس البلاء والوباء في المنطقة فهم يلعقون ذيل الولايات المتحدة أينما ذهبت.


لا تزال الحرب مستمرة، وكل الجهود ترمي إلى منع التصعيد والتوسيع، وحاملة الطائرات العملاقة جيرالد فورد (13 مليار دولار و20 سنة بناء) رابضة قبالة السواحل الاسرائيلية لتخويف إيران وسوريا وحزب الله.


وسط هذه التحركات المحمومة، وصرخات الأبرياء. وسقوط البيوت على رؤوس البشر في غزة، تواجه الإدارة المصرية اختبارا من أصعب الاختبارات، ما بين دورها الإقليمي والتزامها العربي. والاسلامي، من ناحية وبين عقيدتها الثابتة أن سيناء المصرية محرمة علي الدنيا كلها، ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية بتهجير2 مليون و600 ألف غزاوى إلى سيناء.

 


الدخان الأسود يتصاعد وقنابل الفسفور الأبيض تتساقط وتحرق البشر والحجر، ولا تزال الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، وتحتقر العرب.. الولايات المتحدة هي بحق امبراطورية الشر.. ولا يوجد عربي واحد حقيقي إلا ويحمل لها كل مشاعر السخط والمقت.. ما يحدث الآن من ظلم فاحش ستدفع أمريكا ثمنه باهظا.. لا حقا..

الجريدة الرسمية